عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من شهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، حرَّم الله عليه النار» رواه مسلم.
إعلم أخي الحبيب، أن الإله هو المعبود، والإلهية هي العبادة، والعبادة: إسم جامع لكل ما يحبه الله تعالى ويرضاه، من الأقوال والأفعال، فالإله هو المعبود المطاع، فمن جعل شيئا من العبادة لغير الله فهو مشرك، وذلك كالسجود، والدعاء، والذبح، والنذر، وكذلك التوكل، والخوف، والرجاء، وغير ذلك من أنواع العبادة الظاهرة والباطنة، وإفراد الله سبحانه بالعبادة، ونفيها عمن سواه هو حقيقة التوحيد، وهو معنى لا إله إلا الله، فمن قال: لا إله إلا الله بصدق ويقين، أخرجت مِن قلبه كل ما سوى الله، محبةً وتعظيماً، وإجلالاً، ومهابةً، وخشيةً، وتوكلاً، فلا يصير في قلبه محبة لما يكرهه الله، ولا كراهة لما يحبه الله ، وهذا حقيقة الإخلاص الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم: «من قال لا إله إلا الله، مخلصا من قلبه، دخل الجنة، أو حرم الله عليه النار» رواه أحمد.
وقد قيل للحسن البصري: إن ناسا يقولون: من قال لا إله إلا الله دخل الجنة، فقال: من قال لا إله إلا الله، فأدى حقها، وفرضها إلخ، وكثير ممن يقول:لا إله إلا الله، إنما يقولها تقليداً، ولم يخالط الإيمان بشاشة قلبه، فلا يعرف الإخلاص فيها، ومن لا يعرف ذلك، يُخشى عليه أن يُصرف عنها عند الموت -الدرر السنية في الأجوبة النجدية، كتاب التوحيد.
وإعلموا أيها المؤمنون: أن الله سبحانه وتعالى قد ربط الأمور بنتائجها، والأسباب بمسبباتها، وجعل لكل غاية سبيلا وطريقا، وإذا كان المسلم يرجو دائما رحمة الله ويطمع في جنته الغالية، فإن ذلك لن يتحقق بمجرد الأماني والدعوات، فإن الله سبحانه وتعالى قال: {لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا} [النساء:١٢٣].
وقد جعل الله تعالى كلمة التوحيد والإيمان سبيلاً موصلاً إلى جنة الخلد والرضوان، فعن أبي ذرٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما من عبد قال لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة» متفق عليه، ولكن قد يُصاب بعض الناس بالغفلة عن حقيقة التوحيد وشرط النجاة، ويغتر بكلمة يديرها على لسانه، يظنها مفتاحا للجنة بمجرد نطقها بلسانه، غافلا عن أن لها شروطاً ينبغي أن تتحقق، ومستلزمات ينبغي أن نعمل بمقتضاها، لتكون عندئذ مفتاحاً صالحاً لفتح أبواب الجنة.
وقد سئل يوما التابعي الجليل وهب بن منبه رحمه الله: أليس لا إله إلا الله مفتاح الجنة؟ فقال: بلى، ولكن ما من مفتاح إلا وله أسنان، فإن جئت مفتاح له أسنان فتح لك وإلا لم يفتح لك -موسوعة الدين النصيحة، بتصرف.
اللهم إجعلنا ممن قال لا إله إلا الله مخلصاً من قلبه.
آمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
المصدر: موقع دعوة الأنبياء.